شهادات حقوقية.. معرض "متحف الذاكرة" يوثق حصار تعز ومعاناة سكانها
شهادات حقوقية.. معرض "متحف الذاكرة" يوثق حصار تعز ومعاناة سكانها
افتتحت الجهات المنظمة في المتحف الوطني بمدينة تعز فعاليات معرض "متحف الذاكرة" الذي جاء ثمرة تعاون بين مكتب "شؤون الحصار"، ومكتب الثقافة، وفرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف، ومنظمات حقوقية عدة بينها رابطة "أمهات المختطفين"، ومعهد D.T، وجاء المعرض ليعكس معاناة سكان المدينة التي لا تزال ترزح تحت حصار ميليشيا الحوثي منذ عام 2015.
وأكد القائمون على المعرض، بحسب ما نقلت وسائل يمنية، اليوم الاثنين، أن هذا الفضاء الفني والثقافي لم يكن مجرد عرض للوحات ورسومات، بل محاولة جادة لحفظ الذاكرة الجمعية وتعزيز الوعي العام بالمعاناة التي عاشها الأهالي طوال سنوات الحرب.
واعتبر المشاركون أن إبقاء الذاكرة الحقوقية حية يمثل ضمانة حقيقية لعدم نسيان الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، خاصة في مدينة تعز التي دفعت ثمناً باهظاً جراء القصف المستمر والحصار المطبق.
رسائل من قلب المأساة
عكست اللوحات المعروضة، والتي تجاوز عددها 430 عملاً فنياً بين لوحات تشكيلية وصور فوتوغرافية ومجسمات تعبيرية، وجهاً متنوعاً من أوجه الكارثة الإنسانية في تعز.
وقالت الصحفية معالي أحمد، إن المعرض أعاد للأذهان ذكريات مؤلمة، لكنه في الوقت ذاته حمل رسائل للأمل والصمود.
وأوضحت أن الأعمال الفنية للشباب جسدت العطش والحصار والحرمان، لكنها عبّرت أيضاً عن حب تعز للحياة وقدرتها على المقاومة رغم الظروف.
شهادات من الزوار
أبدت الزائرة هدى هاني التي عاشت خارج تعز دهشتها من حجم المأساة الموثقة في المعرض، مؤكدة أنها رغم معرفتها المسبقة بالحصار، لم تتخيل حجم المعاناة التي عاشها الأطفال جراء الجوع وصعوبة التنقل.
وأشارت إلى أن الطرق الجبلية التي اضطر الأهالي لاستخدامها للوصول إلى الغذاء والدواء تختصر مأساة طويلة، معتبرة أن العالم يجب أن يرى هذه الحقائق.
وذكرت المعلمة ريم محمد الشكري أن مشاركتها في المعرض كانت وسيلة للتعبير عن الخراب الذي أصاب المدينة وما نتج عنه من تشريد للأسر وانتشار الأمراض.
وأضافت أن تعز تجسد صورة مكثفة لمعاناة اليمن كله، حيث يفتقر السكان لأبسط مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء، في حين يتفاقم المرض والفقر والتشرد يوماً بعد يوم.
بصمة فنية لليافعات
أظهرت مشاركات الفتيات اليافعات وجهاً آخر للمعرض، حيث تحدثت بسمة مختار، البالغة من العمر 17 عاماً، عن لوحتها التي رسمتها بالفحم لطفل ممسك لعبته وسط أنقاض الحرب.
وأوضحت أن السلاسل في اللوحة رمزت للأسر، في حين جسدت الحمامة الأمل، وقالت إنها اكتشفت موهبتها خلال الحرب لكنها لم تجد الدعم الكافي لتطويرها.
أما الطالبة رهف صلاح (15 عاماً) فأكدت أن مشاركتها كانت لتوثيق ما عاشه أطفال تعز من حرمان، متمنية أن يحيا أطفال اليمن في سلام مثل غيرهم حول العالم.
توثيق بالصور والمجسمات
احتوى "متحف الذاكرة" على أكثر من 250 لوحة، و165 صورة فوتوغرافية، و20 مجسماً تعبيرياً، إضافة إلى شاشة عرض وركن مخصص لشهادات الضحايا.
وعرض المتحف بقايا قذائف وصواريخ في محاولة لتحويل أدوات القتل إلى شواهد تاريخية توثق المأساة وتدعم مسار العدالة والمصالحة المجتمعية.
شهد افتتاح المعرض حضوراً واسعاً من مختلف الفئات المجتمعية والسياسية والثقافية، إلى جانب شخصيات أكاديمية وإعلامية، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وأكد الحاضرون أن هذه الفعالية تشكل أداة مهمة لتخليد الذاكرة الجمعية لمدينة تعز، ونقل صوتها إلى الداخل والخارج على حد سواء، ما يعزز فرص تحقيق العدالة مستقبلاً.